معلقة طرفة بن العبد البكري

المعلقة  الثانية (لِخَوْلَةَ أَطْلالٌ بِبُرْقَةِ ثَهْمَـدِ)

معلومات عن صاحب المعلّقة

عمرو بن العبد الملقب طرفة ولد حوالي سنة 543 في البحرين من أبوين من بني بكر بن وائل

مات أبوه و هو بعد صغير فكفله أعمامه إلا أنهم أساؤوا تريبته و ضيقوا عليه فهضموا حقوق أمه و ما كاد طرفة يفتح عينيه على الحياة حتى قذف بذاته في أحضانها يستمتع بملذاتها فلها و سكر و لعب و بذر و أسرف فعاش طفولة مهملة لاهية طريدة راح يضرب في البلاد حتى بلغ أطراف جزيرة العرب ثم عاد إلى قومه يرعى إبل معبد أخيه ثم عاد إلى حياة اللهو

اتصل بالملك عمرو بن هند فجعله في ندمائه، ثم أرسله بكتاب إلى المكعبر عامله على البحرين وعُمان يأمره فيه بقتله، لأبيات بلغ الملك أن طرفة هجاه بها، فقتله المكعبر شاباً دون الثلاثين من عمره سنة 569

والمعلقة نظمها الشاعر بسبب سوء المعاملة  التي لقيها من ابن عمه و ما لقيه من ذوي قرباه من الاضطهاد في المعلقة ثلاثة أقسام كبرى ( 1 ) القسم الغزالي من ( 1 ـ 10 ) ـ ( 2 ) القسم الوصفي ( 11 ـ 44 ) ـ ( 3 ) القسم الإخباري ( 45 ـ 99 ) .

أبيات المعلّقة :

لِخَوْلَةَ أَطْلالٌ بِبُرْقَةِ ثَهْمَـدِ * * * * * تَلُوحُ كَبَاقِي الوَشْمِ فِي ظَاهِرِ اليَدِ

وُقُوْفَاً بِهَا صَحْبِي عَلَيَّ مَطِيَّهُـمْ * * * * * يَقُوْلُوْنَ لا تَهْلِكْ أَسَىً وَتَجَلَّدِ

كَأَنَّ حُـدُوجَ المَالِكِيَّةِ غُـدْوَةً * * * * * خَلاَيَا سَفِيْنٍ بِالنَّوَاصِـفِ مِنْ دَدِ

عَدَوْلِيَّةٌ أَوْ مِنْ سَفِيْنِ ابْنِ يَامِنٍ * * * * * يَجُوْرُ بِهَا المَلاَّحُ طَوْرَاً وَيَهْتَدِي

يَشُقُّ حَبَابَ المَاءِ حَيْزُومُهَا بِهَـا * * * * * كَمَا قَسَمَ التُّرْبَ المُفَايِلَ بِاليَدِ

وفِي الحَيِّ أَحْوَى يَنْفُضُ المَرْدَ شَادِنٌ * * * * * مُظَاهِرُ سِمْطَيْ لُؤْلُؤٍ وَزَبَرْجَدِ

خَذُولٌ تُرَاعِي رَبْرَباً بِخَمِيْلَـةٍ * * * * * تَنَاوَلُ أَطْرَافَ البَرِيْرِ وتَرْتَدِي

وتَبْسِمُ عَنْ أَلْمَى كَأَنَّ مُنَـوِّراً * * * * * تَخَلَّلَ حُرَّ الرَّمْلِ دِعْصٍ لَهُ نَدِ

سَقَتْهُ إيَاةُ الشَّمْسِ إلاّ لِثَاتِـهِ * * * * * أُسِفَّ وَلَمْ تَكْدِمْ عَلَيْهِ بِإِثْمِدِ

وَوَجْهٍ كَأَنَّ الشَّمْسَ أَلْقَـتْ رِدَاءَهَا * * * * * عَلَيْهِ نَقِيِّ اللَّوْنِ لَمْ يَتَخَدَّدِ

وَإِنِّي لأُمْضِي الهَمَّ عِنْدَ احْتِضَـارِهِ * * * * * بِعَوْجَاءَ مِرْقَالٍ تَرُوحُ وتَغْتَدِي

أَمُونٍ كَأَلْوَاحِ الإِرَانِ نَصَأْتُـهَا * * * * * عَلَى لاحِبٍ كَأَنَّهُ ظَهْرُ بُرْجُدِ

جَمَالِيَّةٍ وَجْنَاءَ تَرْدِي كَأَنَّـهَا * * * * * سَفَنَّجَةٌ تَبْرِي  لأزْعَرَ  أَرْبَدِ

تُبَارِي عِتَاقَاً نَاجِيَاتٍ وأَتْبَعَـتْ * * * * * وَظِيْفَاً وَظِيْفَاً فَوْقَ مَوْرٍ مُعْبَّدِ

تَرَبَّعْتِ القُفَّيْنِ فِي الشَّوْلِ تَرْتَعِـي * * * * * حَدَائِقَ مَوْلِيَّ  الأَسِرَّةِ  أَغْيَدِ

تَرِيْعُ إِلَى صَوْتِ المُهِيْبِ وَتَتَّقِـي * * * * * بِذِي خُصَلٍ رَوْعَاتِ أَكْلَفَ مُلْبِدِ

كَأَنَّ جَنَاحَيْ مَضْرَحِيٍّ تَكَنَّفَـا * * * * * حِفَافَيْهِ شُكَّا فِي العَسِيْبِ بِمِسْرَدِ

فَطَوْراً بِهِ خَلْفَ الزَّمِيْلِ وَتَـارَةً * * * * * عَلَى حَشَفٍ كَالشَّنِّ ذَاوٍ مُجَدَّدِ

لَهَا فَخِذَانِ أُكْمِلَ النَّحْضُ فِيْهِمَـا * * * * * كَأَنَّهُمَا  بَابَا  مُنِيْفٍ  مُمَرَّدِ

وطَيُّ مَحَالٍ كَالحَنِيِّ  خُلُوفُـهُ * * * * * وأَجْرِنَةٌ لُزَّتْ بِدَأْيٍ  مُنَضَّدِ

كَأَنَّ كِنَاسَيْ ضَالَـةٍ يَكْنِفَانِهَا * * * * * وَأَطْرَ قِسِيٍّ تَحْتَ صُلْبٍ مُؤَيَّدِ

لَهَا مِرْفَقَانِ  أَفْتَلانِ  كَأَنَّهَـا * * * * * تَمُرُّ بِسَلْمَيْ  دَالِجٍ  مُتَشَدِّدِ

كَقَنْطَرةِ الرُّومِيِّ أَقْسَمَ رَبُّـهَا * * * * * لَتُكْتَنِفَنْ حَتَى تُشَادَ  بِقَرْمَدِ

صُهَابِيَّةُ العُثْنُونِ مُوْجَدَةُ القَـرَا * * * * * بَعِيْدةُ وَخْدِ الرِّجْلِ مَوَّارَةُ اليَدِ

أُمِرَّتْ يَدَاهَا فَتْلَ شَزْرٍ وأُجْنِحَـتْ * * * * * لَهَا عَضُدَاهَا فِي سَقِيْفٍ مُسَنَّدِ

جَنُوحٌ دِفَاقٌ عَنْدَلٌ ثُمَّ أُفْرِعَـتْ * * * * * لَهَا كَتِفَاهَا فِي مُعَالىً مُصَعَّدِ

كَأَنَّ عُلُوبَ النِّسْعِ فِي دَأَيَاتِهَـا * * * * * مَوَارِدُ مِن خَلْقَاءَ فِي ظَهْرِ قَرْدَدِ

تَلاقَى وأَحْيَاناً  تَبِيْنُ كَأَنَّهَـا * * * * * بَنَائِقُ غُرٌّ فِي قَمِيْصٍ مُقَدَّدِ

وَأَتْلَعُ نَهَّاضٌ إِذَا صَعَّدَتْ بِـهِ * * * * * كَسُكَّانِ بُوصِيٍّ بِدَجْلَةَ مُصْعِدِ

وجُمْجُمَةٌ مِثْلُ  العَلاةِ  كَأَنَّمَا * * * * * وَعَى المُلْتَقَى مِنْهَا إِلَى حَرْفِ مِبْرَدِ

وَخَدٌّ كَقِرْطَاسِ الشَّآمِي ومِشْفَـرٌ * * * * * كَسِبْتِ اليَمَانِي قَدُّهُ لَمْ  يُجَرَّدِ

وعَيْنَـانِ كَالمَاوِيَّتَيْـنِ اسْتَكَنَّتَـا * * * * * بِكَهْفَيْ حِجَاجَيْ صَخْرَةٍ قَلْتِ مَوْرِدِ

طَحُورَانِ عُوَّارَ القَـذَى فَتَرَاهُمَا * * * * * كَمَكْحُولَتَيْ مَذْعُورَةٍ أُمِّ فَرْقَدِ

وصَادِقَتَا سَمْعِ التَّوَجُّسِ للسُّـرَى * * * * * لِهَجْسٍ خَفِيٍّ أَوْ لِصوْتٍ مُنَدَّدِ

مُؤَلَّلَتَانِ تَعْرِفُ  العِتْـقَ فِيْهِمَا * * * * * كَسَامِعَتَي شَاةٍ بِحَوْمَلَ مُفْـرَدِ

وأَرْوَعُ  نَبَّاضٌ  أَحَذُّ مُلَمْلَمٌ * * * * * كَمِرْدَاةِ صَخْرٍ فِي صَفِيْحٍ مُصَمَّـدِ

وأَعْلَمُ مَخْرُوتٌ مِنَ الأَنْفِ مَارِنٌ * * * * * عَتِيْقٌ مَتَى تَرْجُمْ بِهِ الأَرْضَ تَزْدَدِ

وَإِنْ شِئْتُ لَمْ تُرْقِلْ وَإِنْ شِئْتُ أَرْقَلَتْ * * * * * مَخَافَةَ مَلْوِيٍّ مِنَ القَدِّ مُحْصَـدِ

وَإِنْ شِئْتُ سَامَى وَاسِطَ الكَوْرِ رَأْسُهَا * * * * * وَعَامَتْ بِضَبْعَيْهَا نَجَاءَ الخَفَيْدَدِ

عَلَى مِثْلِهَا أَمْضِي إِذَا قَالَ صَاحِبِي * * * * * ألاَ لَيْتَنِي أَفْدِيْكَ مِنْهَا وأَفْتَدِي

وَجَاشَتْ إِلَيْهِ النَّفْسُ خَوْفاً وَخَالَهُ * * * * * مُصَابَاً وَلَوْ أمْسَى عَلَى غَيْرِ مَرْصَدِ

إِذَا القَوْمُ قَالُوا مَنْ فَتَىً خِلْتُ أنَّنِي * * * * * عُنِيْتُ فَلَمْ أَكْسَلْ وَلَمْ أَتَبَلَّـدِ

أَحَلْتُ عَلَيْهَا بِالقَطِيْعِ فَأَجْذَمَتْ * * * * * وَقَدْ خَبَّ آلُ الأمْعَزِ المُتَوَقِّـدِ

فَذَالَتْ كَمَا ذَالَتْ ولِيْدَةُ مَجْلِسٍ * * * * * تُرِي رَبَّهَا أَذْيَالَ سَحْلٍ مُمَدَّدِ

وَلَسْتُ بِحَلاَّلِ التِّلاَعِ مَخَافَـةً * * * * * وَلكِنْ مَتَى يِسْتَرْفِدِ القَوْمُ أَرْفِدِ

فَإِنْ تَبْغِنِي فِي حَلْقَةِ القَوْمِ تَلْقَنِي * * * * * وَإِنْ تَلْتَمِسْنِي فِي الحَوَانِيْتِ تَصْطَدِ

وَإِنْ يَلْتَقِ الحَيُّ الجَمِيْعُ تُلاَقِنِي * * * * * إِلَى ذِرْوَةِ البَيْتِ الشَّرِيْفِ المُصَمَّدِ

نَدَامَايَ بِيْضٌ كَالنُّجُومِ وَقَيْنَـةٌ * * * * * تَرُوحُ عَلَيْنَا بَيْنَ بُرْدٍ وَمَجْسَدِ

رَحِيْبٌ قِطَابُ الجَيْبِ مِنْهَا رَقِيْقَـةٌ * * * * * بِجَسِّ النَّدامَى بَضَّـةُ المُتَجَرَّدِ

إِذَا نَحْنُ قُلْنَا أَسْمِعِيْنَا انْبَرَتْ لَنـا * * * * * عَلَى رِسْلِهَا مَطْرُوقَةً لَمْ تَشَدَّدِ

إِذَا رَجَّعَتْ فِي صَوْتِهَا خِلْتَ صَوْتَهَا * * * * * تَجَاوُبَ أَظْآرٍ عَلَى رُبَـعٍ رَدِ

وَمَا زَالَ تَشْرَابِي الخُمُورَ وَلَذَّتِي * * * * * وبَيْعِي وإِنْفَاقِي طَرِيْفِي ومُتْلَـدِي

إِلَى أنْ تَحَامَتْنِي العَشِيْرَةُ كُلُّهَا * * * * * وَأُفْرِدْتُ إِفْرَادَ البَعِيْـرِ المُعَبَّـدِ

رَأَيْتُ بَنِي غَبْرَاءَ لاَ يُنْكِرُونَنِي * * * * * وَلاَ أَهْلُ هَذَاكَ الطِّرَافِ المُمَـدَّدِ

أَلاَ أَيُّهَذَا الزَّاجِرِي أَحْضُرَ الوَغَـى * * * * * وَأَنْ أَشْهَدَ اللَّذَّاتِ هَلْ أَنْتَ مُخْلِدِي

فَإِنْ كُنْتَ لاَ تَسْطِيْعُ دَفْعَ مَنِيَّتِي * * * * * فَدَعْنِي أُبَادِرُهَا بِمَا مَلَكَتْ يَـدِي

وَلَوْلاَ ثَلاثٌ هُنَّ مِنْ عَيْشَةِ الفَتَى * * * * * وَجَدِّكَ لَمْ أَحْفِلْ مَتَى قَامَ عُـوَّدِي

فَمِنْهُنَّ سَبْقِي العَاذِلاتِ بِشَرْبَـةٍ * * * * * كُمَيْتٍ مَتَى مَا تُعْلَ بِالمَاءِ تُزْبِـدِ

وَكَرِّي إِذَا نَادَى المُضَافُ مُجَنَّبـاً * * * * * كَسِيدِ الغَضَا نَبَّهْتَهُ المُتَـورِّدِ

وتَقْصِيرُ يَوْمِ الدَّجْنِ والدَّجْنُ مُعْجِبٌ * * * * * بِبَهْكَنَةٍ تَحْتَ الخِبَاءِ المُعَمَّـدِ

كَأَنَّ البُرِيْنَ والدَّمَالِيْجَ عُلِّقَـتْ * * * * * عَلَى عُشَرٍ أَوْ خِرْوَعٍ لَمْ يُخَضَّـدِ

كَرِيْمٌ يُرَوِّي نَفْسَـهُ فِي حَيَاتِـهِ * * * * * سَتَعْلَمُ إِنْ مُتْنَا غَداً أَيُّنَا الصَّدِي

أَرَى قَبْرَ نَحَّامٍ بَخِيْـلٍ بِمَالِـهِ * * * * * كَقَبْرِ غَوِيٍّ فِي البَطَالَةِ مُفْسِدِ

نَرَى جُثْوَتَيْنِ مِن تُرَابٍ عَلَيْهِمَـا * * * * * صَفَائِحُ صُمٌّ مِنْ صَفِيْحٍ مُنَضَّـدِ

أَرَى المَوْتَ يَعْتَامُ الكِرَامَ ويَصْطَفِي * * * * * عَقِيْلَةَ مَالِ الفَاحِشِ المُتَشَـدِّدِ

أَرَى العَيْشَ كَنْزاً نَاقِصاً كُلَّ لَيْلَةٍ * * * * * وَمَا تَنْقُصِ الأيَّامُ وَالدَّهْرُ يَنْفَـدِ

لَعَمْرُكَ إِنَّ المَوتَ مَا أَخْطَأَ الفَتَـى * * * * * لَكَالطِّوَلِ المُرْخَى وثِنْيَاهُ بِاليَـدِ

مَتَى مَا يَشَأْ يَوْماً يَقُدْهُ لِحَتْفِـهِ * * * * * وَمَنْ يَكُ فِي حَبْلِ المَنِيَّةِ يَنْقَـدِ

فَمَا لِي أَرَانِي وَابْنَ عَمِّيَ مَالِكَـاً * * * * * مَتَى أَدْنُ مِنْهُ يَنْأَ عَنِّي ويَبْعُـدِ

يَلُوْمُ وَمَا أَدْرِي عَـلامَ يَلُوْمُنِـي * * * * * كَمَا لامَنِي فِي الحَيِّ قُرْطُ بْنُ مَعْبَدِ

وأَيْأَسَنِي مِنْ كُلِّ خَيْـرٍ طَلَبْتُـهُ * * * * * كَأَنَّا وَضَعْنَاهُ إِلَى رَمْسِ مُلْحَـدِ

عَلَى غَيْرِ شَيْءٍ قُلْتُهُ غَيْـرَ أَنَّنِـي * * * * * نَشَدْتُ فَلَمْ أُغْفِلْ حَمَوْلَةَ مَعْبَـدِ

وَقَرَّبْتُ بِالقُرْبَى وجَـدِّكَ إِنَّنِـي * * * * * مَتَى يَكُ أمْرٌ للنَّكِيْثَةِ أَشْهَـدِ

وإِنْ أُدْعَ للْجُلَّى أَكُنْ مِنْ حُمَاتِهَا * * * * * وإِنْ يِأْتِكَ الأَعْدَاءُ بِالجَهْدِ أَجْهَدِ

وَإِنْ يِقْذِفُوا بِالقَذْعِ عِرْضَكَ أَسْقِهِمْ * * * * * بِشُرْبِ حِيَاضِ المَوْتِ قَبْلَ التَّهَدُّدِ

بِلاَ حَدَثٍ أَحْدَثْتُهُ وكَمُحْـدَثٍ * * * * * هِجَائِي وقَذْفِي بِالشَّكَاةِ ومُطْرَدِي

فَلَوْ كَانَ مَوْلايَ إِمْرُءاً هُوَ غَيْرَهُ * * * * * لَفَرَّجَ كَرْبِي أَوْ لأَنْظَرَنِي غَدِي

ولَكِنَّ مَوْلايَ اِمْرُؤٌ هُـوَ خَانِقِـي * * * * * عَلَى الشُّكْرِ والتَّسْآلِ أَوْ أَنَا مُفْتَدِ

وظُلْمُ ذَوِي القُرْبَى أَشَدُّ مَضَاضَةً * * * * * عَلَى المَرْءِ مِنْ وَقْعِ الحُسَامِ المُهَنَّدِ

فَذَرْنِي وخُلْقِي إِنَّنِي لَكَ شَاكِرٌ * * * * * وَلَوْ حَلَّ بَيْتِي نَائِياً عِنْدَ ضَرْغَدِ

فَلَوْ شَاءَ رَبِّي كُنْتُ قَيْسَ بنَ خَالِدٍ * * * * * وَلَوْ شَاءَ رَبِّي كُنْتُ عَمْروَ بنَ مَرْثَدِ

فَأَصْبَحْتُ ذَا مَالٍ كَثِيْرٍ وَزَارَنِـي * * * * * بَنُونَ كِرَامٌ سَـادَةٌ لِمُسَـوَّدِ

أَنَا الرَّجُلُ الضَّرْبُ الَّذِي تَعْرِفُونَهُ * * * * * خَشَاشٌ كَرَأْسِ الحَيَّةِ المُتَوَقِّـدِ

فَآلَيْتُ لا يَنْفَكُّ كَشْحِي بِطَانَةً * * * * * لِعَضْبٍ رَقِيْقِ الشَّفْرَتَيْنِ مُهَنَّـدِ

حُسَامٍ إِذَا مَا قُمْتُ مُنْتَصِراً بِـهِ * * * * * كَفَى العَوْدَ مِنْهُ البَدْءُ لَيْسَ بِمِعْضَدِ

أَخِي ثِقَةٍ لا يَنْثَنِي عَنْ ضَرِيْبَةٍ * * * * * إِذَا قِيْلَ مَهْلاً قَالَ حَاجِزُهُ قَدِي

إِذَا ابْتَدَرَ القَوْمُ السِّلاحَ وجَدْتَنِي * * * * * مَنِيْعاً إِذَا بَلَّتْ بِقَائِمَهِ يَـدِي

وَبَرْكٍ هُجُوْدٍ قَدْ أَثَارَتْ مَخَافَتِي * * * * * بَوَادِيَهَا أَمْشِي بِعَضْبٍ مُجَـرَّدِ

فَمَرَّتْ كَهَاةٌ ذَاتُ خَيْفٍ جُلالَةٌ * * * * * عَقِيلَةُ شَيْخٍ كَالوَبِيْلِ يَلَنْـدَدِ

يَقُوْلُ وَقَدْ تَرَّ الوَظِيْفُ وَسَاقُهَا * * * * * أَلَسْتَ تَرَى أَنْ قَدْ أَتَيْتَ بِمُؤْيِدِ

وقَالَ أَلا مَاذَا تَـرَونَ بِشَارِبٍ * * * * * شَدِيْدٌ عَلَيْنَا بَغْيُـهُ مُتَعَمِّـدِ

وقَالَ ذَرُوهُ إِنَّمَا نَفْعُهَـا لَـهُ * * * * * وَإِلاَّ تَكُفُّوا قَاصِيَ البَرْكِ يَزْدَدِ

فَظَلَّ الإِمَاءُ يَمْتَلِلْـنَ حُوَارَهَـا * * * * * ويُسْعَى عَلَيْنَا بِالسَّدِيْفِ المُسَرْهَدِ

فَإِنْ مُتُّ فَانْعِيْنِي بِمَا أَنَا أَهْلُـهُ * * * * * وشُقِّي عَلَيَّ الجَيْبَ يَا ابْنَةَ مَعْبَدِ

ولا تَجْعَلِيْنِي كَأَمْرِىءٍ لَيْسَ هَمُّـهُ * * * * * كَهَمِّي ولا يُغْنِي غَنَائِي ومَشْهَدِي

بَطِيءٍ عَنْ الجُلَّى سَرِيْعٍ إِلَى الخَنَى * * * * * ذَلُولٍ بِأَجْمَاعِ الرِّجَالِ مُلَهَّدِ

فَلَوْ كُنْتُ وَغْلاً فِي الرِّجَالِ لَضَرَّنِي * * * * * عَدَاوَةُ ذِي الأَصْحَابِ والمُتَوَحِّدِ

وَلَكِنْ نَفَى عَنِّي الرِّجَالَ جَرَاءَتِي * * * * * عَلَيْهِمْ وإِقْدَامِي وصِدْقِي ومَحْتِدِي

لَعَمْرُكَ مَا أَمْرِي عَلَيَّ  بُغُمَّةٍ * * * * * نَهَارِي ولا لَيْلِي عَلَيَّ بِسَرْمَدِ

ويَوْمٌ حَبَسْتُ النَّفْسَ عِنْدَ عِرَاكِهِ * * * * * حِفَاظاً عَلَى عَوْرَاتِهِ والتَّهَـدُّدِ

عَلَى مَوْطِنٍ يَخْشَى الفَتَى عِنْدَهُ الرَّدَى * * * * * مَتَى تَعْتَرِكْ فِيْهِ الفَرَائِصُ تُرْعَدِ

وأَصْفَرَ مَضْبُوحٍ نَظَرْتُ حِوَارَهُ * * * * * عَلَى النَّارِ واسْتَوْدَعْتُهُ كَفَّ مُجْمِدِ

أَرَى المَوْتَ أَعْدَادَ الُّنفُوْسِ ولا أَرَى * * * * * بَعِيْداً غَدًا مَا أَقْرَبَ اليَوْمَ مَنْ غَدِ

سَتُبْدِي لَكَ الأيَّامُ مَا كُنْتَ جَاهِلاً * * * * * ويَأْتِيْكَ بِالأَخْبَارِ مَنْ لَمْ تُزَوِّدِ

وَيَأْتِيْكَ بِالأَخْبَارِ مَنْ لَمْ تَبِعْ لَهُ * * * * * بَتَاتاً وَلَمْ تَضْرِبْ لَهُ وَقْتَ مَوْعِدِ

معلقة طرفة بن العبد البكري

اقرأ في الموقع